موسيقى

الموسيقى كعدسة لفهم التاريخ وحَل الأسئلة المركزية للهوية الفلسطينية

قدم الموسيقي الفلسطيني عيسى بولص، محاضرة بعنوان “الأغنية الفلسطينية ومجريات تطورها وانحسارها منذ الحرب العالمية الأولى حتى أوسلو”، عَرَضَ فيها بحثا يسلط الضوء على التطور التاريخي للموسيقى في فلسطين والمؤدين والملحنين والفرق الموسيقية، وعلى الطرق العديدة التي صاغها الموسيقيون ونشروا من خلالها علامات هوية فلسطينية مميزة طوال القرن العشرين، متتبعا كيف تم التعبير عن هذه الهوية تاريخيا عبر سياقات محلية ووطنية وإقليمية، ذلك باستخدام الموسيقى كعدسة لفهم التاريخ والتجربة الفلسطينية بشكل أفضل وكذلك إبراز أهمية الموسيقى في المساهمة في حل الأسئلة المركزية للهوية الفلسطينية.

ما قبل عام 1948

يقول الملحن والباحث الفلسطيني عيسى بولص، إن المصادر تكشف عن مشهد موسيقي تواجد في السياقات الريفية والحضرية حيث كانت الأغاني تشكل جانبا مهما من الحياة الاجتماعية وتعتبر أداة قوية للتواصل، إذ أن الزجالين كانوا يوظَّفون لأداء حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات الدورية وكانوا يجلبون الأخبار إلى القرى والبلدات ويناقشون القضايا الآنية، وقد تضمنت هذه الأنشطة ارتجالات شعرية ولحنية باللهجة العامية العتابا والمعنى والميجنا والشروقي، أو الأنواع الموقعة الفرعون والدلعونا والمربع وظريف الطول والقريدي، وكانت بالغالب يرافقها أنواع مختلفة من الرقص.

وبحسب بولص، بدأت التسجيلات في فلسطين تظهر من العقد الأول للقرن العشرين في الإطار المشرقي العام للصناعة الموسيقية، وتشير المصادر إلى وجود صناعة موسيقية لبعض الموسيقيين والمغنيين الذين عملوا في فلسطين منهم أحمد الشيخ، وكانت هذه الصناعة تلازم تلك التي ظهرت في مصر.

عرض لروّاد النهضة الموسيقية الفلسطينيّة قبل النكبة

عرض لروّاد النهضة الموسيقية الفلسطينيّة قبل النكبة

أما على المستوى الشعبي استمر الفلسطينيون في التعبير من خلال الأغنية عن مفاهيم تتعلق في محيطهم الآني بكافة تعقيداته وفقا لبولص، وفي أواخر العشرينيات بدأت تظهر معاني الأغنية السياسية ذات معان موسيقية أبعد من تلك التي كانت متداولة في سياق الأغاني الشعبية، كأغاني نوح إبراهيم، ونمر ناصر، وكذلك القصيدة التي تبعت الأحرف الأبجدية التي نظمها عبد الرحمن البرغوثي في رثاء محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير قبيل إعدامهم عام 1930، (من سجن عكا طلعت جنازة).

وبهذه الفترة بدأت تظهر ممارسات موسيقية تعنى بالموسيقى الغربية من قبل أناس كانوا قد تدربوا على آلات غربية في ظل البعثات التبشيرية، كيوسف البتروني، سلفادور عرنيطة وأوجستين لاما.

عصر النهضة: انتشار إقليمي واسع النطاق

يقول الباحث إن الموسيقى في عصر النهضة كانت مثيرة جدا، إذ ظهرت شركات تسجيل مثل “بيدوفون”، وحقق الموسيقيون الفلسطينيون في العقد الأول من القرن العشرين، انتشارا إقليميا واسع النطاق، تبعته تسجيلات في العشرينيات والثلاثينيات للعديد من الموسيقيين الفلسطينيين مثل رجب الأكحل، ثريا قدورة، نمر ناصر، إلياس عوض ونوح إبراهيم، وشملت هذه التسجيلات أنواعا عديدة من الأغاني منها القصيدة، النشيدة، الموال، والليالي، الأغاني الحضرية الخفيفة، الطقطوقة، الأغنية الشعبية الريفية الفلسطينية، الأدوار، والموشحات.

وكانت مواضيع هذه الأغاني عاطفية، وطنية، سياسية ودينية، أما الغناء فكان إما باللهجات العامية المحلية، بدوي، فلسطيني ريفي، أو فلسطيني مدني، أو باللغة الفصحى والبعض باللهجة المصرية والعراقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى