عناوين ريسيةكلمة الموقع

ثقافة العنصرية.. من بلفور إلى أرسولا فون دير لاين

عمر جمعة

يكاد لا يمرّ يوم إلا ويذكّرنا بعض الساسة الأوربيين بفداحة الجريمة التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، بدءاً من وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور ووعده المشؤوم، مروراً بالصمت المطبق لبلدان ما يُسمّى “العالم الحر” على جرائم الاحتلال الصهيوني ومجازره المستمرة منذ أكثر من 75 عاماً، ووعود كلينتون وبوش الابن بالسلام وكذبة الحلّ العادل، وصولاً إلى أرسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، التي ترسل اليوم، وغزة والمدن الفلسطينية تغرق بالدماء، رسالة تهنئة إلى حكومة “إسرائيل”، والتي جاء فيها: “نُهنئكم بمناسبة الذكرى الـ75 لعيد الاستقلال، ونجاحكم في جعل الصحراء تُزهر…”!!.

في رسالتها، التي تكرّس الثقافة العنصرية وتفضحها في الوقت نفسه، تتعامى السيدة أرسولا فون دير لاين عن تاريخ المنطقة، وحقيقة ما يعانيه الشعب الفلسطيني، وتتناسى ما فعلته عصابات شتيرن والهاغانا قبل وبعد نكبة عام 1948، وتضرب عرض الحائط بالتشريعات والقرارات والقوانين التي أقرّتها الأمم المتحدة، واعترفت بوجود الفلسطينيين وحقهم بتحرير أراضيهم والعودة إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم التي طردوا منها على يد من تهنئهم اليوم، وتدّعي كذباً وتزييفاً أنهم (جعلوا الصحراء تُزهر!!)، بل يغيب عن ذهنها عمداً آلاف الضحايا والشهداء من النساء والشيوخ والأطفال والمدنيين العُزل في دير ياسين وكفر قاسم وبحر البقر والدردارة والخشنية وصبرا وشاتيلا وقانا وحولا وبنت جبيل وسحمر، ومعاناة الأسرى والمعتقلين في الزنازين الصهيونية، وعذابات مئات الأسيرات الفلسطينيات، وخاصة زكية شموط وفاطمة الزق وأنهار الديك اللواتي ولدن أبناءهن في السجون مكبلات الأيدي، فضلاً عن تدمير مئات القرى والبلدات في فلسطين والجولان وجنوب لبنان ومحوها عن الوجود، والسعي لتهويد معالم المدن في القدس وحيفا ويافا وعكا.. وسواها.

إن الجريمة التي تقترفها أرسولا فون دير لاين اليوم باسم المفوضية الأوروبية تضاف إلى ما فعله بلفور وروتشيلد وساسة القارة العجوز، وتكاد تصل إلى بشاعة ووحشية سلسلة الاعتداءات التي ينفذها الإسرائيليون حالياً من اغتيال قادة المقاومة وتدنيس المسجد الأقصى، وفيها أيضاً جهل وازدراء للتاريخ والجغرافيا ومزاعم حقوق الإنسان التي يتشدّق بها الغرب، وتأكيد قطعي بأن الثقافة العنصرية وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني سيمضي بها ساسة الغرب حتى النهاية ما لم ترفع الشعوب المقهورة شعار المقاومة المسلحة لمواجهة هذه الثقافة البغيضة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى