عناوين ريسيةكلمة الموقع

رواة المقاومة

عمر جمعة

رواة المقاومة.. على مدى سنوات الصراع لمواجهة المشروع الصهيوني الاستيطاني في المنطقة، قادت العصابات الصهيونية، إضافة إلى جرائمها المستمرة في احتلال الأراضي الفلسطينية وتشريد سكانها وتهجيرهم، حرباً قذرةً ضد قادة الفكر والرأي والكتّاب والإعلاميين الذين كشفوا بالدليل التاريخي القاطع وبالوثيقة الدامغة زيف وأباطيل هذا المشروع، فعمدت إلى اغتيال بعض هؤلاء والسعي لإسكات أصواتهم للحؤول دون أن تتكشف أكثر غايات وأهداف هذا الكيان الغاصب.

لقد خاض المثقفون الفلسطينيون ومن يناصرهم ويؤمن بعدالة القضية التي يدافعون عنها من باقي البلدان العربية ودول العالم الحرّ، حرباً مضادة ضروساً تفضح حقيقة ما يُسمّى “إسرائيل” وعنصرية الفكر الذي تنزعُ لتعميمه في سبيل تفتيت الشرق الأوسط، ودفعوا ثمن ذلك من دمائهم وأرواحهم، فقضى كثير منهم اغتيالاً ونفياً ومحاصرة، ولاسيما في الأراضي المحتلة، بعد أن أسّسوا المؤسّسات الإعلامية الفلسطينية وأرسوا قواعد صحافة المقاومة.

وبالتأكيد سنتذكر هنا أن أجهزة المخابرات الصهيونية هي التي اغتالت الأدباء والكتّاب: غسان كنفاني ووائل زعيتر وماجد أبو شرار وعز الدين القلق وحنا مقبل وناجي العلي، والقادة الثلاثة كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار، وحاولت اغتيال الصحفي بسام أبو شريف والمفكر أنيس صايغ، كما استشهد عدد من المبدعين في المواجهات مع الجيش الصهيوني كالشاعر عبد الرحيم محمود، والشاعر علي فودة، وفي الانتفاضتين الأولى والثانية استشهد وجرح مئات المراسلين الميدانيين والمصوّرين الصحفيين مثل: عزيز يوسف التنح، وجميل نواورة، وأحمد نعمان، وأمجد العلامي، وعماد أبو زهرة، وعصام مثقال التلاوي، ونزيه عادل دروزة، ومحمد أبو حليمة، وحسن شقورة، وفضل شناعة.. وسواهم، ولن تكون آخرهم الشهيدة شيرين أبو عاقلة.

وفي هذا السياق تأتي أهمية ملتقى إحياء ذكرى شهداء إعلام المقاومة، الذي عُقد مؤخراً في العاصمة الإيرانية طهران تحت عنوان “رواة المقاومة” واستضاف 130 عائلة من عوائل شهداء الإعلام في دول محور المقاومة و۲۰۰ عائلة من شهداء الإعلام الإيرانيين، وحضره وزراء ورؤساء مؤسسات الشهید في كلّ من إیران ولبنان وفلسطین وسوریة والیمن والعراق وأفغانستان وعدد من المسؤولين السياسيين والمدراء الإعلاميين من الدول المذكورة، لتكريم هؤلاء الشهداء وتسليط الضوء على بطولاتهم في نقل حقيقة ما يجري في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، جنباً إلى جنب مع شهداء محور المقاومة الذين قضوا في مواجهة قوى العدوان والعصابات التكفيرية في سورية والعراق واليمن ولبنان، ليكونوا بحق شهوداً على الجرائم الصهيوأمريكية في المنطقة، ويستحقوا عن جدارة لقب “رواة المقاومة”.

إن استذكار وتكريم “رواة المقاومة” وعائلاتهم هو تكريس وإعلاء لشأن هذه الثقافة التي أثبتت فاعليتها وتأثيرها، وخاصة عند من يؤمن أن الكلمة لا تقلّ فاعلية وتأثيراً عن الرصاصة في مواجهة المشروع الصهيوني. وعليه فإننا نتمنى أن يكون هذا الملتقى بداية لتسليط الضوء على المكانة التي حازها “الرواة” في وجدان وضمير الأمة، والاحتفاء بهؤلاء المقاومين في مختلف البلدان والعواصم، لأنهم لو كانوا غير ذلك ما عمدت العصابات الصهيونية إلى استهدافهم والسعي لمحاصرة الحقيقة التي جهروا بها ليأكدوا أن الظلم والعدوان إلى زوال، وما يبقى هو الدماء التي أزهرت وستزهر انتصارات متتالية وأكيدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى