عناوين ريسيةكلمة الموقع

“طوفان الأقصى” في معركة الصورة

عمر جمعة

في مؤشر واضح ولافت على تحوّل ووعي جديد وأداء مدروس بدقة انتهجته المقاومة الفلسطينية هذه المرّة في معركة “طوفان الأقصى”، ودوناً عن المواجهات السابقة مع الكيان الصهيوني، بدا فيه أن هذا الطوفان المفاجئ للمنطقة والعالم رافقه طوفان آخر بالصور والفيديوهات التي صنعها إعلام المقاومة إثر مرافقته سير العمليات العسكرية، وتصوير أسلوب الهجوم والسيطرة والمباغتة، والتي عمّقت جراح جيش الاحتلال وأربكته، على شاشات العالم وقنواته الفضائية، وهو يرى جنوده يرتجفون ويلوذون بأقرب ملجأ، أو يسقطون صرعى عاجزين عن فعل أي شيء، ويساقون أسرى بالعشرات أمام رجال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

على مدار السنوات الماضية من عمر الاحتلال، اعتمدتْ آلةُ الإعلام الصهيوني على الكذب والتلفيق والتزوير في الترويج لأباطيل قادة الكيان وبطولات جيشهم الذي “لا يُقهر!”، وأقنعت العالم “الأعمى والأصم” بأن “إسرائيل” تسعى للسلام وتناور سياسياً لعقد صفقات واتفاقيات، سرعان ما تبيّن أنها مزاعم تكتيكية وحسب، غير أن “طوفان الأقصى” جرف كلّ ما سبق، وفضح مزاعم العدو وأباطيله وادّعاءاته، وكشف ورقة التوت عن تلك الصفقات والاتفاقيات التي تهدف فقط إلى تصفية القضية الفلسطينية، والتآمر على حقوق شعبنا المحاصر في غزة وسواها من المدن والبلدات في الوطن المحتل.

لقد أدارت المقاومة الفلسطينية المعركة الإعلامية، هذه المرة، بكلّ جدارة واقتدار، ونجزم أنها ربحتها وكسبت المتابعين لها، وكانت حملات التأييد لدفاعها المشروع في وجه آلة الإجرام الصهيونية، أكبر دليل على أن الرسالة وصلت، وأن وقفات الاحتجاج ودعوات مئات الملايين لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة الذين ارتكبوا المجازر البشعة بحق الأطفال والنساء والشيوخ، ودمّروا الأحياء السكنية والمشافي والمدارس والمساجد والكنائس، هي صدى لهذا الإعلام المقاوم، الذي حارب بالكلمة والصورة واستُشهد معه عدد كبير من الصحفيين والمصورين، بغية إيصال الحقيقة كاملة، وإسقاط القناع الأخير عن الوجه البشع لقادة الكيان المؤقت، والتأكيد أن ساعة زواله قد أزفت.

وبالتأكيد لن ننسى مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي التي اجتاحتها آلاف الهاشتاغات، وملايين الصور واللوحات والملصقات ورسوم الكاريكاتور والفيديوهات والتعليقات والمشاركات التي تدعو للتعاطف مع آلام المحاصرين في قطاع غزة، وهم يتصدّون ببسالة للعدوان، وتفضح في الوقت نفسه جرائم الاحتلال ضد الأبرياء العزل.

على أن نجاح المعركة الإعلامية مرهون أيضاً باستمرارها، فما دام هناك اشتباك عسكري على الأرض ينبغي أن تواصل الأقلام والكاميرات وشبكات التلفزة والقنوات الفضائية اشتباكها مع العدو الصهيوني وداعميه، أو مع من يروّجون لأكاذيبه التي سقطت إلى غير رجعة بدءاً من السابع من تشرين الأول 2023 وما قبل، هذا اليوم الذي سيتذكره العالم أجمع، بل لن ينسى صور آلاف الجنود الصهاينة المدججين بأعتى الأسلحة وهم يفرون ويستجدون العشرات من مجاهدي المقاومة الفلسطينية المسلحة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى