موسيقى

“عالم تاني” لمايا الخالدي.. مقطوعات تجريبية تغني فلسطين

كتبت بديعة زيدان:
“هاييها وإحنا بنات القدس بنرفع الراسي.. هاييها وزينا بهالدنيا ما في ناسي.. هاييها ارفعوا راسكم وقولوا: هاييها الأرض إلنا شجرها وحجارها من الساسي للراسي”.. بهذه “المهاهاة” من مقطوعة “زعرتوا”، التي تلتها زغرودة حيّة وزغاريد إلكترونية، أطلقت الفنانة مايا الخالدي، أسطوانتها الأولى “عالم تاني”، في أداء ﺣﻲ للألبوم بـ”عليّة” مركز خليل السكاكيني الثقافي التي اكتظت بالحضور الذي فاض عن سعتها.
المقطوعات التي قدمتها الخالدي مستوحاة ﻣن الفلكلور الفلسطيني، لكن بموسيقى تجريبية مُعاصرة، بل وبتخيّل صوتي ينتمي لقادم الزمن، وكأنها رحلة سفر صوتية نقلتنا من فلسطين الجدّات، مع كلمات وأصوات وموسيقى ولوحات بصرية وفيديوهات مرفقة هي ابنة العقد الثاني من الألفية الثالثة، بحيث تشكل اﻷﺻوات المتكررة والجو اﻟﺳﻣﻌﻲ للمسارات التي تنتجها ﺳﺎروﻧﺎ، (رافقت الخالدي في عرضها، علاوة على كونها منتجة العمل)، تحوّلاّ في شكل الموسيقى الفلسطينية.
وأشارت الخالدي إلى أنها بالأساس درست الأوبرا والجاز، لكنها قبل سنوات وجدت أنها بحاجة ماسة إلى أن تغني فلسطين، أن تغني جغرافية روحها، ولو بطريقة مغايرة، بحيث تضع صوتها الخاص على المستوى الأدائي والتقني في اتكائها على الموروث الموسيقي والغنائي الفلسطيني، لافتة إلى أنها، بعد تفكير طويل، وتساؤلات حول مشروعية ما قامت به، وجدت أن هذا الموروث هو حق للجميع، حتى في ما يتعلق بالحذف والإضافة، أو صناعة نوع من الكولاج أو أكثر بالاستناد إليه، وهو ما فعلته تماماً في مقطوعات ألبوم “عالم تاني”.
وكانت المقطوعة الثانية وهي عبارة عن ترويدة مقدمة لشقيقها سامي، تعود حكايتها إلى وقت ما كانت فيه الخالدي في الصف الأول وكان الأخ يسألها عمّن تحب أكثر فتجيبه بأنه هو، فغنّت بالطريقة الحداثية ذاتها، وممّا جاء فيه “نامي يا عينه نامي، يا عينه نامي حبيبي سامي.. نامي يا عينه نامي، خذي منه همّه، نامي يا عينه”.
أما “الضوء”، فقد وصفتها صاحبتها بأنها تعبّر عنها كثيراً، عبر كلماتها التي كتبتها كما غيرها بنفسها، وتقول في مطلعها: “الضوء نفسه غربة باردة.. غمرتني.. أم أنه العصف.. البئر العتيق يتشبث بمكانه”، لتختمها بـ”في التربة الذاكرة.. كهف، حيث يرجع كل شيء، ولا شيء يرجع تماماً”.
وھذه الموسيقى، كما يصفها القائمون عليها، تسبر غمار قوة التعبيرات الصوتية الفلسطينية، في عالم ينحسر فيه الوقت ويتدفق ﻋلى طبلة اﻷذن، وتتم استعادته بالتجربة والخيال، بحيث تسمح اللمسات الإضافية ﻟﻸجهزة الإلكترونية وآﻟﺔ القانون ﻟﻸﺟواء ﺑﺄن ﺗﺻﺑﺢ أقرب إلى شبكة ﻣن عوالم الصوت والإلكترونيات.
وفي مقطوعة “كان” أعطت الخالدي الصوت لجدتها في سرد الحكاية بوحي من مقطوعة على الربابة من أرشيف مركز الفن الشعبي كانت الموسيقى المرافقة لحكواتي فلسطيني، لتذهب بتنويع مغاير لتقنيات الفيديو بتنويعاتها والتي هي من إنتاج وإنجاز سارونا.
أما “بقلم” فكانت أول ما كتبته في هذا الألبوم، وكانت وليدة مشروع قادته الفنانة الفلسطينية العالمية كاميليا جبران وحمل عنوان “سداسي”، وهي كغيرها من مقطوعات الألبوم تجريبية، وقد يراها البعض “صعبة”، لكنها تعبر عنّي وعن طريقتي في التعبير عن حبّي لفلسطين، كاشفة أنه كان لجبران دور كبير في الإشراف على تفاصيل عدّة في “عالم تاني”، وتحدثت فيها عن “الخطوط الخارجية بالرسم الصغير”، و”النسيج”، و”الاتجاه”، والخطوط الرفيعة والمتقطعة والمثنية”، و”المطلوب بالنوع المصوّر”، وغير ذلك.
ووصفت الخالدي مقطوعة أو أغنية “عالم تاني” بأنها عن حب الأرض، فصدحت “في يوم فأول السنة، نزلنا نمشي بآخر الجبال.. الأرض كانت طينة، وريحتها أحلى من ريحة الفل، زي ريحة جسمك بالصبح.. وفكرت بعالم تاني، عالم بشبهك”، قبل أن تختم: “وفي الجبل المقابل تجلس امرأة، وبتقول: تحيا آلهة كنعان”.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى