تقارير

في مثل اليوم: إعلان دستور فلسطين وتعييين هربرت صموئيل مندوبا ساميا عليها

برزت الحركة الصهيونية التي انتشرت بين يهود أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، ولفظ “الصهيونية ” مشتق من كلمة “تسيون” العبرية، وهي اسم لجبل يقع جنوبي غربي القدس “جبل صهيون” يحج إليه اليهود لاعتقادهم أن الملك داوود دفن هناك.

من المعروف أن اليهود في تلك الفترة وما قبلها كانوا عبارة عن تجمعات يهودية منتشرة في أنحاء العالم، وهي تجمعات لا تجمعها أي روابط سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو تراثية سوى الرابطة الدينية، ويرجع ذلك إلى ذوبان هذه التجمعات في المجتمعات التي كانت تعيش فيها، وكذلك فإن الدعوى الصهيونية بوجود “قومية يهودية” لا تعدو كونها بدعة مختلقة لأن هذه التجمعات كانت تفتقر إلى عناصر القومية مثل الشعب الموحد، والرقعة الإقليمية من الأرض التي يقيم عليها واللغة والعادات والتقاليد المشتركة.

وعد بلفور:

نضجت الفكرة الصهيونية في المناخ الحضاري الأوروبي منذ القرن السادس عشر الميلادي، وترعرعت في الأجواء السياسية التي سادت أوروبا في القرن التاسع عشر (أجواء الإمبريالية) وتحديداً بعد عام (1870م). وقامت الفكرة الصهيونية على أساس إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين بعد أن تمت الصفقة بين الحركة الصهيونية والاستعمار البريطاني على أساس “وعد بلفور” الشهير في 2 تشرين ثاني/ نوفمبر عام (1917م).

وأبرز الوعد التزام الحكومة البريطانية آنذاك بدعم المطامع الصهيونية في أرض فلسطين العربية ضد إرادة أصحابها الشرعيين، وكان هذا التصريح يمثّل إعطاء حق من كان لا يملك لمن لا يستحق.

وعندما نجحت بريطانيا في السيطرة على البلاد في ضوء نتائج الحرب العالمية الأولى ووفق ما تم الاتفاق عليه في سايكس – بيكو، بدأت بريطانيا بالتهيئة الفعلية للوجود الصهيوني في فلسطين، الذي تأكد مع وصول اللجنة الصهيونية ، حيث شعر العرب بنذر الخطر، وكانت الحكومة البريطانية قد وافقت على إرسالها لفلسطين على أساس “أن تنجز أي خطوات تستدعيها مقتضيات تنفيذ تصريح الحكومة بشأن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، ضمن الخضوع لسلطة الجنرال البريطاني أللنبي، وفي نفس الوقت تهدئة شكوك العرب بشأن النوايا الحقيقية للصهيونية.

وكذلك عملت الإدارة العسكرية المحتلة على تهيئة فلسطين بالتدريج لتصبح وطناً قومياً للصهيونيين بكافة الوسائل والأساليب الممكنة.

إن ما حدث في فلسطين بعد قدوم اللجنة الصهيونية يعتبر أمراً لا يحتمل التصديق وذلك بالعمل على إنشاء وطن قومي لليهود في بلد يتجاوز سكانه 92% من العرب الفلسطينيين.

الانتداب ودستور فلسطين وتعيين هربرت صموئيل مندوبًا ساميًا على فلسطين:

في بداية هذه الفترة تناولت بريطانيا صك الانتداب الفلسطيني لإدارة البلاد وفقاً لميثاق عصبة الأمم، في حين لم تكن بريطانيا بحاجة إلى البدء بتنفيذ بنود هذا الصك لأنها عملياً كانت قد باشرت سلطاتها على فلسطين قبل ذلك، بسنوات طبقاً لسياستها الاستعمارية الصهيونية المعتمدة بشكل رئيسي على الإكراه وقوة السلاح حتى عام 1948م.

وخلال هذه الفترة لم تتقدم المؤسسات في البلاد، وبذلك توجب على العرب الفلسطينيين أن يرفعوا بشكواهم إلى لجنة الانتدابات الدائمة في جنيف التابعة لعصبة الأمم، ولكن اللجنة لم تكن تملك حق التفتيش والمتابعة في البلدان المنتدبة، فما كان من المواطنين العرب على مدار فترة الانتداب إلا الاحتجاج والمقاومة وإقامة المظاهرات والتمرد والعصيان المدني والذي أدى إلى صدام عنيف مع قوات الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود.

وفي 10/8/1922، أعلنت سلطات الانتداب دستور فلسطين، وعينت اليهودي الصهيوني البريطاني: هربرت صموئيل أول مندوب سام على فلسطين، والذي مهد ودعم الهجرة والوجود الصهيوني في فلسطين.

وفي عام (1924م) وضع المندوب السامي “هربرت صموئيل” مشروع نقد فلسطيني جديد، وصدر مرسوم النقد الفلسطيني في شباط/ فبراير 1927 وسط اتهامات الشعب بأن الحكومة لا تستطيع أن تصدر منه ما تشاء دون مراقبة، لأن ذلك سيلحق الضرر بالاقتصاد العربي، كما أتت جهود المندوب السامي ثمارها في إصدار قانون الجنسية الفلسطينية بقصد منح اليهود المقيمين في البلاد الجنسية الفلسطينية.

وأجابت الحكومة البريطانية وخلال دورتين متتابعتين لاجتماع عصبة الأمم (1924-1925م) صراحة بأنها لا توافق على تأسيس مجلسٍ تشريعي في فلسطين يقوم على أساس التمثيل النسبي، والذي من الطبيعي أن تكون الأغلبية الساحقة فيه للعرب الفلسطينيين، خاصةً أن ذلك يقف عقبة في قيام الحكومة بالواجبات الملقاة على عاتقها في إنشاء وطن قومي لليهود.

بعد نهاية فترة المندوب السامي “هربرت صموئيل”، عين اللورد “هربرت تشارلز بلومر” مندوباً سامياً لفلسطين في (25آب/ أغسطس 1925م)، وبقي في منصبه ثلاثة أعوام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى