تقارير

مارك توين.. لمحات ومغامرات ورحلة إلى فلسطين

قال رئيس الولايات المتحدة الأسبق، باراك أوباما، ذات مرة: “منذ أن انكببت على قراءة أعمال مارك توين، صار فهمي لأميركا أفضل من ذي قبل”.

بعد قرنٍ على رحيله، ما يزال “أبو الأدب الأميركي”، كما وصفه الروائي ويليام فوكنر، يُعَدّ بوابة لفهم عوالم الولايات المتحدة في زمنه، كما أنّ آراءه ومواقفه وبعض كتبه ما تزال تثير جدلاً، وتجدّد النقاشات في موضوعات مثل العنصرية والاستشراق ولقاء الغرب والشرق.

الرحلة إلى فلسطين: سخرية عامة أم استعلاء خاص؟

في العام 1869، صدر كتاب توين “رحلة الأبرياء إلى الخارج” أو “الأبرار في الغربة”، وقد ترجمه عبد الباقي بركات سنة 2013 تحت عنوان “رحلة الحجاج إلى الأرض المقدسة”.

تذكر صحيفة “هآرتس” أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حمل معه فقرتين من هذا الكتاب سنة 2009 لعرضها أمام الرئيس الأميركي آنذاك، باراك أوباما، كي يقنعه بزيف الحق الفلسطيني في الأرض المحتلة، باعتبار أنّ تلك البلاد كانت مهجورة وقتها.

يسجّل توين في كتابه وقائع رحلة قام بها مع مجموعة من الحجاج إلى الأرض المقدسة، مروراً ببعض بلاد أوروبا وآسيا وبلاد الشام، ثم العودة إلى نيويورك. عكست أفكار توين بعضاً من التصورات التي كانت شائعة في الغرب عن الأراضي المقدسة. كما أنّ مجمل الصور التي قدمها عن بلاد الشام عموماً، وفلسطين خصوصاً، كانت بالغة السوء، وفيها سخرية وكراهية وتصوير كاريكاتوري للناس، لذا حنق النقاد والمترجمون العرب على هذا الكتاب.

أما الباحث والمؤرخ تيسير خلف فيذهب إلى رأيٍ آخر، إذ يقول: “كانت هذه الرحلة تجربته الأولى في الكتابة الساخرة، حين رافق مجموعة من “جمعية الأصدقاء” الدينية المتشددة، المعروفة باسم “كويكرز”، في رحلة حجّهم الطويلة إلى الأراضي المقدسة، وقد أشبعهم طوال الرحلة سخرية، وأطلق عليهم اسم “الأبرار” أو “الأطهار”، وكان يقصد بذلك معنى السذج، ونشر مقالاته في صحف أميركية عديدة، حظيت باهتمام كبير شجعه على جمعها في كتاب في ما بعد. وقد ترجم هذا الكتاب عدة ترجمات إلى العربية، وبعناوين مختلفة، وتصدّى الكثيرون لانتقاده في دراسات كثيرة لم تتعاطَ معه ككتاب ساخر بالدرجة الأولى، بل بوصفه كتاباً عنصرياً يمثل الاستعلاء الأميركي والغربي على بلدان الشرق”. 

ويضيف خلف أنّ توين :”لا يرى الأمور بعين رحالة مستكشف يسعى لنقل صورة أقرب للحقيقة عن أوضاع البلدات التي يقصدها، بل بعين أديب ساخر يجنح للمبالغة، لا يشغله سوى نقل المظاهر الغريبة الخارقة للعادة، والمقززة في أغلب الأحيان. واللافت أنّ سخريته لا تشمل المسلمين فقط، كما يوحي بذلك بعض الدارسين، ولا هي ناتجة عن نزعة صليبية، كما يزعم آخرون، وإنّما هي نظرته الساخرة إلى المدن، بمعزل عن انتمائها الديني، فهو سخر من الإيطاليين ومدنهم، ومن اليونانيين وبلادهم، تماماً كما سخر من إسطنبول وبيروت ودمشق والقدس”.

تجدر الإشارة إلى أنّه على الرغم من ريادة مارك توين في الأدب الساخر، إلا أنّه كمن خلف هذا الغطاء إنسان كئيب تراوده رغبة في الانتحار، بحسب ما كشفته وثائق ومقالات ورسائل جديدة له، عثر عليها باحثون في جامعة بيركلي في كاليفورنيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى