ملك مطر.. ريشة ترصد معاناة قطاع غزة ونساء فلسطين
“بدأتُ أرسم عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري، أثناء الحرب التي شنّها الاحتلال على قطاع غزة. آنذاك، كنت أرسم رسومات طفولية مليئة بمعاني الخوف والدمار، والحب والأمل”.
ولدتْ الرسامة الفلسطينية الشابة ملك مطر في قطاع غزة عام 2000، وكان عمرها 14 عامًا عندما شنت إسرائيل ما يُعرف باسم “عملية الجرف الصامد” على القطاع صيف 2014، وهي عملية عسكريّة استمرت 51 يومًا، هُدمت فيها البيوت ودُمرت البنى التحتية وقُتل فيها أكثر من 2174 مواطنا فلسطينيّا من بينهم 530 طفلًا، وسقط فيها حوالي 11000 جريح، بحسب تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
لم تكن ملك صغيرة لتنسى ولا كبيرة لتستوعب هول العدوان. ظلت أسيرة منزلها خلال الحرب، وهربت بالريشة والألوان من كل الخوف والموت والقلق، لتقيس المسافات الزمنية بين غارة وأخرى بمقدار ما تنجز من رسومات. فعلت ذلك لتهرب من الخوف، لكنها اكتشفت موهبتها الكامنة، ليشكل العدوان على القطاع الحافز الأول لدخولها عالم الفن.
عندما اكتشفت ملك أنها موهوبة بالرسم، قررت أن تعطي موهبتها ما يكفي من الاهتمام، فأخذت تتعلم الرسم بنفسها، عبر الإنترنت وبالتجارب المتكررة. ألهمتها بشكل خاص أعمال كلّ من بيكاسو وفريدا كالو وفان غوغ وسلفادور دالي وسليمان منصور وسامية الحلبي ونبيل عناني.
“لم تكن ملك صغيرة لتنسى ولا كبيرة لتستوعب هول العدوان. ظلت أسيرة منزلها خلال الحرب، وهربت بالريشة والألوان من كل الخوف والموت والقلق، لتقيس المسافات الزمنية بين غارة وأخرى بمقدار ما تنجز من رسومات”
إلاّ أنّ الرسم لم يأخذ ملك بعيدًا عن الدراسة، وهي الطالبة المتفوقة التي حصدت الترتيب الأول في الثانوية العامة على قطاع غزة، والثاني على مستوى فلسطين، وهو ما فتح لها باب المنح في الخارج، فاختارت من التخصصات المحدودة التي قدمتها المنحة، دراسة العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة “أيدن” في تركيا.
تحرص هذه الفنانة الشابة (21 سنة) دومًا على اختيار موضوعات لوحاتها، وفقًا لما يشغل الشارع الفلسطيني، بالإضافة إلى القضايا العالمية التي تشترك مع فلسطين في الحق، وذلك لإيمانها بأن “الفن رسالة قوية وذات تأثير على المتلقي”. وتؤكد ملك: “هدفي من لوحاتي المتعلقة بالقضية الفلسطينية، هو أن يصل ما يمرّ به قطاع غزة بشتى الطرق إلى العالم كله، وخاصة الغرب”.
وفي سبيل الهدف ذاته، شاركت مطر في أكثر من 70 معرضًا فرديًا وجماعيًا حول العالم، أغلبها في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، واختارت الإضاءة في آخر لوحاتها على الظلم اللاحق بالنساء الأفغانيات. “أيّ معاناة تمر فيها المرأة هي معاناتي، وأي ظلم تتعرض له النساء أشعر أنّه يمسني مباشرة”، تقول ملك.