تراثعناوين ريسية

هُجرت بـ”نكبتين”.. “دير القاسي” العنيدة وكأنها تُركت بالأمس

دير القاسي.. لا تزال نوافذها تطل على آلاف الدونمات التي خصصها سكانها قبل 74 عاما ما بين حقول للحبوب والبقوليات،

وما بين البساتين التي كانت تميز كل بيت من حوله، لتشكل قطعة فنية وكأنها من الجنة.

وبالرغم من مرور عقود، إلا أن بيوت قرية دير القاسي قرب عكا بالداخل الفلسطيني المحتل، لا تزال على ما هي من الداخل،

من نقوشها وبعض أثاثها آثارها، قبل أن تقع في يد العصابات الصهيونية عام النكبة 1948، ولم تستطع “إسرائيل” حتى اليوم استخدامها أو تشويه المناطق المحيطة بها.

وخلال جولة حديثة مع المحامي جهاد أبو ريا وهو أحد أبرز الناشطين بمتابعة ملفات القرى المهجرة، وكشف ملفات ومجازر

مخفية منذ عام النكبة، بدت معالم داخل عدد من بيوت القرية، وكأنها هجرت بالأمس.

ضمن عملية “حيرام”

ويقول أبو ريا: “إن معالم عديدة بالقرية وجدنا أنها لا تزال على ما هي، خاصة معالم بعض البيوت من الداخل، هذا منذ أن هجرت في الثلاثين من أكتوبر عام 1948”.

ويفيد بأن القرية تم تهجيرها ضمن عملية أطلقت عليها عصابات الاحتلال الإسرائيلي “عملية حيرام”، بالإضافة إلى قرية ترشيحا المجاورة لها.

وعن العملية يكشف “هي هجوم إسرائيلي شـن عند نهاية الحرب لاحتلال ما تبقى من الجليل الفلسطيني، فبعد الهجوم

على قرية ترشيحا، تخفى بعض المدافعين عن القرية بطريق مخفية تمر داخل قرية دير القاسي، وهي الطريق التي أطلقت الهاغاناه عليها اسم طريق القاوقجي”.

يصف الطريق بأنها “كانت خط الإمداد الأهم لجيش الإنقاذ العربي في الجليل الأعلى”.

وبعد ورود معلومات بتخفي المدافعين عن القرية في ذلك الطريق، هاجمت العصابات الصهيونية أهل دير القاسي، إلا أنها لم

تستطع ورغم شدة العملية أن تهجر جميعهم، فقد بقي فيها -وفق الوثائق- 700 نسمة.

نكبتان بأشهر وصمودها

ولم يرق هذا البقاء للأوساط الإسرائيلية، التي اعترضت وقدمت طلبًا بإعادة الهجوم على القرية بزعم أن هناك “أسباب أمنية

وعسكرية” تقتضي ذلك، فكانت القرية العنيدة على موعد مع قرار بنكبة من نوع ثان، بعد شهرين من الهجوم عليها.

ففي ديسمبر 1948 أقرت حكومة الاحتلال أن يتم استبدال مهاجرين يهود بمن تبقى في القرية من أهلها، “نظرًا لأن موقعها استراتيجي ولا يمكن إبقاء أهلها فيها”.

وفي مايو عام 1949 جُلب اليهود المهاجرين إلى قرية دير القاسي، لإسكانهم فيها، إلا أنه وحتى اليوم لم يتم الكشف عن آلية تهجر وإخراج الـ700 نسمة منها عقب ذلك.

إلا أن أبو ريا يؤكد، أن منازل القرية الحجرية ما تزال موجودة، وبعضها يستخدم مساكن وأخرى مخازن، لصالح مستوطنة

“الكوش”، كما أن ركام المنازل التي تم تدميرها وتهجير سكانها، ما يزال موجود حتى اليوم.

ويصفها بأنها “قطعة من الجنة، لم تمحو عوامل الطبيعة ولا الاحتلال أي من معالمها، فجمال البيوت ودقة التصاميم، وفخامة

أهلها كله تشهد له معالم بيوتها التي تم زيارتها مؤخرًا، ولسان حالها حين يزورها الزائر: خرجوا أهلي بالأمس وأنتظر عودتهم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى