وفاء سلام.. حكاية مُلهمة لمحامية مُنحت المزاولة بعد التقاعد

الصعود المتوالي على درجات سلم النجاح للمحامية وفاء سلام جعلها تخط بأناملها نظريات جديدة تحدت من خلاله الموروثات

الثقافية البالية التي تربط طلب العلم في الصغر فقط خاصة أنها بدأت مسيرتها العلمية في حصولها على الثانوية العامة بعمر

“48 سنة”، أما البكالوريوس فكان في عمر يزيد عن “50سنة” بينما الماجستير ومزاولة مهنة المحاماة الشرعية فكانتا في

عمر يفوق “60 سنة”، وهذا جعلها تبدأ حياة علمية جديدة بعد التقاعد من العمل ترسم من خلالها حكاية نجاح مُلهمة.

دورات قرآنية:

في ابتسامة مشرقة زينتها وفاء “64 سنة” على ملامحها وهي تتحدث عن مسيرتها العلمية بعد أن حصلت مؤخراً على

شهادة مزاولة مهنة المحاماة :”شغف العلم كان يراودني كثيراً خاصة بعد أن تركت الدراسة وأنا في صف الأول الثانوي حيث

تزوجت وأنجبت عشرة من الأبناء فكانت مسؤولية كبيرة لابد من الاهتمام بها على أفضل الأمور”.

وتضيف:”جعلت كل وقتي للاهتمام في أطفالي وتربيتهم وتعليمهم لكن رغم ذلك إلا أنني كنت أحاول أن أقرأ كل كتاب

يمكنني الحصول عليه أو مجلة أو صحيفة أو حتى ورقة تزيد من خلالها معلوماتي الثقافية التي كان لها تأثير كبير في تحسن القراءة”.

وتوضح، أنه بعد أن كبر الأبناء أصبح بالإمكان لها أن تخرج من البيت فكانت وجهتها الأولى المسجد القريب من منزلها حيث

كانت تشارك في المسابقات الثقافية وحفظ بعض السور وكانت تحصل بشكل متواصل على الترتيب الأول.

وتشير، إلى أنها كانت نقطة البداية بأن يعقد في المسجد دورات قرآنية ولتميزها أصبحت هي من تعطيها فكان يشار لها

البنان بالتفوق والتميز، الأمر الذي جعل أحد الأشخاص يشجعها على الحصول على الثانوية العامة التي كانت بالنسبة لها أمر مستحيل خاصة أن لديها “عقدة الإنجليزي” كما تصفها بالنسبة لها.

ولادة وامتحان العربي:

وكان العام الذي سجلت به لخوض مغامرة الثانوية العامة، أكثر الأعوام ازدحاماً بالانشغال حيث زوجها أصابه المرض وتطلب

وضعه الصحي إجراء عملية في مصر واستمر العلاج لشهور لم تستطع خلالها أن تقرأ صفحة واحدة، وأيضاً كان العام ذاته الذي

زوجت به ابنها، وكانت تعطي دروات في التلاوة والتجويد خاصة أنها حاصلة على سبع قراءات والسند المتصل بالرسول (صلى

الله عليه وسلم) وتخرجت على يديها العديد من الطالبات الحافظات للقرآن الكريم والحاصلات على السند.

ومن المواقف التي كان من الصعب نسيانها أنها حينما ذهبت لتقديم مبحث اللغة العربية كانت تجيب بسرعة فائقة على ورقة

الامتحان وسلمتها بسرعة الأمر الذي جعل اللجنة تخبرها بأنه لديها الكثير من الوقت للمراجعة فأخبرتهم أن ظرفها لا يسمح فابنتها في هذا الوقت في المستشفى في حالة ولادة.

وتذكر، أن ابنتها التي كانت تخبرها بمساعدتها  في دراسة مبحث اللغة الإنجليزية كانت في حالة ميلاد قبل الامتحان فلم

تتمكن من ذلك الأمر الذي زاد لديها حيرة كبيرة في كيفية اجتياز هذه المادة.

الدراسات العليا:

ورغم الظروف التي مرت بها وفاء وجعلتها تعجز عن الدراسة كما يجب إلا أنها حصلت على معدل(86%) الأمر الذي رسم

علامات التعجب لكل من علم بذلك خاصة أنها كانت تخفي تقديمها للثانوية العامة وكانت مشغولة جداً بالكثير من الظروف.

حبها للعلم جعلها تحمل شهادته وتذهب للتسجيل في الجامعة الإسلامية، لكن حينما رأت الازدحام الكبير من الطالبات في

صالة التسجيل جعلها تتراجع في رغبة منها للعودة إلى البيت لكن سرعان ما سمعت صوت الموظفة ينادي عليها،

لمساعدتها في التسجيل، لتكون طالبة جامعية تتعرف من خلال هذه المرحلة حياة جديدة من العلم في كلية الشريعة والقانون.

ورغم انشغالها بزوجها المريض وأبنائها وبيتها وأيضاً عملها في الأوقاف إلا أنها تميزت وتخرجت بتفوق من الجامعة.

وهذا كله لم يشبع شغفها من العلم، الأمر الذي جعلها تصعد على درجة سلم الدراسات العليا في الحصول على ماجستير شريعة إسلامية تخصص فقه مقارن.

شهادة المزاولة:

البعض كان يظن أن الأمر لديها انتهى لكن في الحقيقة أنها لازالت تطمح في المزيد فعملت على الالتحاق في التدريب

وتقديم امتحانات مزاولة مهنة المحاماة وبالفعل نجحت بذلك، وحصلت قبل فترة قصيرة على شهادة المزاولة، وتطمح في ممارسة المهنة بعد أن أعدت بطاقات وختم خاص باسمها، لتخوض مغامرات المهنة قريباً.

وتوضح وفاء، أن الإنسان مهما كان عمره فهو في كل يوم جديد بالنسبة له بداية حياة جديدة ممكن تحقيق الكثير من

الطموحات، والعمر ليس حاجزاً؛ لتحقيق المزيد من النجاح، وكانت تجد بركة القرآن تحيطها في السير في تحقيق نجاحات متوالية.

Exit mobile version